أغسطس 2020
مما لاشك فيه أن رامي يوسف الممثل المصري الأمريكي الكوميدي، الكاتب والمخرج قد أصبح من واحد من أكثر كوميديين هوليوود إثارة، صعد إلى الصدارة بعد وقت قصير من إطلاق مسلسل”رامي” الناجح على منصة “hulu”، الذي استند بشكل كبير على حياته باعتباره الشخصية الرئيسية فيه، المسلسل الذي تمكن من تحطيم الصور النمطية عن العرب والمسلمين، وحصل على جائزة الجولدن جلوب ورشح لجائزة الإيمي في التمثيل والإخراج.
لحسن حظ إنجما تمكنت رئيسة التحرير ياسمين شحاتة ومنسق تحرير أول محمد هشام من ترتيب مكالمة فيديو صريحة ومرحة عبر زووم مع النجم الذي اخترق هوليوود وحصل على جوائز عالمية، وجعل المصريين فخورين به؛ لتأريخ هذه اللحظة التي لا تُنسى.
تحول رامي يوسف في غمضة عين من “رامي المصري الأمريكي الثاني” في هوليود، الأول هو رامي مالك تحول إلى رامي يوسف النجم العالمي الحاصل على جوائز كبيرة، كان هذا وحده سببا كافيا لاختياره نجم غلاف إنجما، لكن كان هناك سببا آخر وهو نجاحه بمفرده في تغيير المفاهيم الخاطئة الراسخة في هوليود عن العرب والمسلمين، لقد أذهلتنا أيضا مفارقة تشييد هوليوود بتصويره للحياة الطبيعية للأمريكان العرب على أنها مهمة جريئة.
جاءت مقابلتنا مع نجم هوليوود في وقت مثالي؛ فقد حصل مؤخرا على ترشيحين لجائزة “الإيمي” عن مسلسله، لأفضل ممثل ومخرج في مسلسل كوميدي، لقد رتبنا معه المقابلة قبلها بأسبوعين، وأثناء المقابلة معه كان من الواضح ابتهاج رامي يوسف بهذه الترشيحات فقد ظهر بقبعة تحمل توقيعه، والقهوة في يده، فقد ظهر رامي كشخص لا يحمل نفسه على محمل الجد؛ فكان يرتشف من قهوته أثناء الإجابة على الأسئلة ويلعب بسيجارته عندما لم يكن يشربها، فكان يتعامل كأنه “رامي اللامبالي” الذي اعتدنا أن نراه على الشاشة.
يتذكر يوسف فترة نشأته في نيوجيرسي قائلا: “دائما ما كنت أشعر أن والدي منفتحين نوعا ما، لكن عليك فقط أن تدخل من هذا الباب معهم، أعتقد أن جميعنا كان لدينا بالتأكيد واحدة من أشكال هذه الطفولة؛ تعيش في نيوجيرسي ولكن تشتاق دائما لوطنك في القاهرة. لطالما كان والداي يقدران ذلك الجانب مني الذي يريد صناعة الأفلام والكوميديا، لكنهما اعتبرا ذلك مجرد هواية، لقد استغرق الأمر منهما بعض الوقت للتصالح مع انتقالي الفعلي إلى لوس أنجلوس لمتابعة التمثيل”
بدأ يوسف التمثيل بإحترافية في مراهقته مشاركا في المسلسل الكوميدي”see dad run” على قناة “نيكولودين” ، ثم حصل بعدها على المزيد من عروض للتمثيل في فقرات الضيف التي تكون موجودة في البرامج من ضمنها “مستر روبوت” ، ثم ذهب بعد ذلك ليكتشف حسه الكوميدي ليقدم عروض كوميدية ارتجالية بالإضافة إلى ظهوره في برامج التوك شو مثل: برنامج “زا ليت شو” مع ستيفين كولبرت، ثم في النهاية حصل على عرضه الخاص على “HOB” في نفس الوقت الذي قام به بمسلسله الخاص بعنوان “رامي”، الذي مكنه من استكشاف كتاباته وتوجيه تطلعاته والاستفادة بعمق من جانبه الإبداعي.
يضيف يوسف أن إقناع خدمة بث مباشر كبيرة على الإنترنت مثل “هولو” بتقديم عرضه غير الاحترافي المثير للجدل لم يكن صعبا كما يتخيله البعض، قائلا: “أعتقد أنهم كانوا جاهزين بمجرد ما ذهبت إليهم، أنا أعمل في هذا المجال منذ أكثر من 10 سنوات ورأيته يتغير، إذا كان اسمك عندما تبدأ “وليد” ستغيره إلى “واليس” فقط لتندمج فيه”، أضاف يوسف بمزاح: “نحن الآن في عصر يحترم الاختلاف، فكلما كان اسمك عاديا كلما كان من الصعب نطقه” مشيرا إلى الشعبية الحالية ” benedict cumberbatch-es” و”timothee chalamets” في هوليود؛ لذلك أنا رأيت هذا التغير يحدث، أضاف رامي يوسف بنبرة جادة: “كان العالم جاهزا عندما عرضت فكرتي؛ لقد استغرق الأمر الكثير من الكراهية والقوالب النمطية لجعل هوليود تستيقظ في النهاية”
قد توحي نشأته كمسلم مصري يعيش في نيوجيرسي بأن هناك أشياء مشتركة بينه وبين تجارب الشخصية التي يقوم بها في مسلسله، لكن أكد يوسف أن هناك بعض الاختلافات الكبيرة بينه وبين دوره الذي حصل به على جائزة الجولدن جلوب؛ فوضح يوسف قائلا: “نحاول بشكل أساسي التركيز على الحقيقة العاطفية، المسلسل لا يحتوي على سيرتي الذاتية بقدر ما يركز على الأشياء التي أهتم باكتشافها، أحب مشاهدة رامي في المسلسل بنظرة كيف كانت ستبدو حياتي لو لم يكن لدي شغف إبداعي وإذا كانت عائلتي أقل تواصلا معي، أضاف أيضا: “أعتقد أنها النسخة البديلة مني؛ يمكنني رؤية أخطائي التي أقوم بها كما أنها الشخصية التي يقودها الأنا، ببساطة هي الشخصية التي أخشى أن أصبح عليها يوما”.
تألق حبكة المسلسل وموضوعه الرئيسي كان دفعة قوية ليوسف إلى جانب تحطيمه للصور النمطية، أضاف يوسف “لقد رأيت الكثير من القصص على الشاشة التي تروي عن شخص ما تاركا ثقافته خلفه، لكني أريد أن أقوم بقصة عن شخص متمسك بثقافته وإيمانه، يقع مع الوقت ولكنه يزال يقاوم الإغراءات”
نرى رامي يسافر إلى مصر مع نهاية الموسم الأول ليعيد تواصله مع ثقافته؛ ليكتشف حينها أن مصر التي في رأسه هي صرخة بعيدة كل البعد عن ما اختبره في الحياة الحقيقية، أضاف أيضا: ” أردت أن أكتشف الطريقة التي ننمط بها أنفسنا، كان لدي هذا التوقع من خلال ما أردت أن تكون عليه مصر بعيدا عن تجارب الآخرين فيها، أعتقد أن كثير من الناس في مصر تأثروا بما صورناه عندما شاهدوا الحلقات، وجدت أن الكثير من الأطفال في أمريكا الذين أتوا من دول مختلفة، شعروا بذات الشعور عندما عادوا إلى أوطانهم، إن هذا الشعور مشترك عالميا”، ثم ذكر بابتسامة: “إن هذه القصة التي صنعناها في مصر جعلت الناس يقعون في غرامها”.
أثناء زيارة رامي لمصر وقعت شخصيته في حب ابنة عمه أماني، التي تبدأ قصة متشابكة مما يؤدي إلى مشاعر متضاربة، صرح يوسف: “من المتعارف عليه أنه في كثير من عائلاتنا يوجد دائما أبناء الأعمام الذين يتزوجون بعضهم، لست أؤيد أو أعارض ذلك إنه كأي شئ في المسلسل، وهذا ليست دعوة للقيام بذلك، كثير من هذا المسلسل يدور حول اكتشاف الأماكن حيث نجد أنفسنا مرتبكين، وروزالينا البيه التي تقوم بدور أماني، ممثلة عظيمة وجميلة للغاية ولكن الأمر يتعدى كونها جميلة؛ فهي ذلك النوع من الأشخاص التي أعتقد أن الجمهور لا يستطيع التوقف عن حبها وكذلك رامي أيضا” .
كان الجزء الأكبر من الموسم الثاني لمسلسل “رامي” مقدمة عن “الشيخ مالك”، حكيم يحاول أن يرشد رامي للطريق الصحيح، جسده ماهرشالا علي الذي حصل على جائزة الأوسكار مرتين، تواصل علي مع رامي ليعبر له عن تقديره لمسلسل “رامي”؛ لكونه لم يكن مسلسل آخر يصور المسلمين كإرهابيين بل مسلسل عن محاولة شخص ما ليمارس عقيدته بدلا من مهاجمته.
يتذكر يوسف قائلا: “استمتعنا بالتواصل معا جدا ثم تحول ذلك إلى تناولنا للعشاء سويا، وطلبت منه أن يشارك في حلقة ووافق، ومع الوقت تحولت الحلقة إلى ست حلقات كعادة المصريين الرائعة في التفاوض، انتهى به الأمر إلى أن يكون جزء مثيرا من القصة وأصبح جزء لا يتجزأ من المسلسل”.
إلى جانب ترشيح يوسف لجائزتي الإيمي، حصل أيضا على أفضل ممثل مساعد في مسلسل كوميدي عن دوره في مسلسل “رامي”، قال رامي: “إنه شئ جنوني، يحتوي التلفزيون على 500 مسلسل سنويا؛ لذلك أن تعرف كممثل ومخرج، وأن يحصل “ماهرشالا” على ترشيح للعب دور شيخ ليس شريرا أو متطرف، مجرد شيخ يحاول فقط أن يكون جيدا، إنه أمر مذهل”.
يستكمل رامي “الحصول على ترشيح جائزتي الإيمي يعني لي الكثير؛ فهو أمر لا يصدق أن تخترق حجم البرامج التلفزيونية الكثيرة المعروضة الآن، إذا نظرت إلى كم المسلسلات التي نقف أمامها ستجد أن لديهم الكثير من المشاهير، لكن نحن نمتلك فقط قصتنا”، يضيف يوسف بفخر: ” الحصول على جائزة الجولدن جلوب مبكرا هذا العام كان شيئا رائعا؛ فكان ذلك قبل إحضار ماهرشالا للمسلسل، قصتنا صغيرة جدا ولكننا عالجناها من زاوية مختلفة؛ مما جعل الكثير يتفاعل معه”
يعتقد يوسف أن جزء كبير آخر من المسلسل هو تصوير عائلة رامي، التي هي متشابهة تماما لكثير من العائلات عالميا؛ العم السخيف والأخت الجافة عاطفيا التي قد تكون حساسة للغاية ولكنها لا تريد الاعتراف بذلك، الآباء الصارمون الكلاسيكيون لكنهم محبوبون، الحبكة الدرامية تقع في أن لكل من هذه الشخصيات أسرارها الخاصة وحقائقها المختلفة التي نكتشفها في حلقات مميزة ترى من منظورهم الخاص.
يستطيع يوسف توجيه أصوات هذه الشخصيات المختلفة بطبعها الذي يميز كل منها، بصفته كاتب ومخرج هذه الحلقات، عن طريق وضع نفسه في موقعهم؛ فهو يصور حياتهم ومعاناتهم، يفسر يوسف ذلك قائلا: “حاولت أن أتخيل مكانا داخليا وحيدا لا يتحدثون عنه، وكمثل الكثير من الثقافات الأخرى تدفعنا ثقافتنا إلى الاحتفاظ ببعض الأشياء لأنفسنا، ويبقى لدينا هذا الصراع بين ما هو عام للجميع وما نحتفظ به لأنفسنا، ويمكن أن نكون أشخاصا كتومين ولكن بطريقة تؤذينا”
تعرضت شخصية”يوسف” لخسارة بعض الأشخاص المقربين له في نهاية الموسم الثاني من المسلسل كنتيجة لأسراره واختياراته السيئة، يكشف يوسف أن الموسم الثالث يتعمق أكثر لهذه المشكلات قائلا: “الأشياء التي يخبأها يوسف وأسرار عائلته ستبدأ في الظهور إلى السطح، وأعتقد بطريقة ما أن المسلسل سيكون أكثر من مجرد مسلسل عائلي؛ لأن هناك الكثير داخل هذه العائلة يتطلب المناقشة، سنرى الكثير من المواقف من كل الشخصيات وكيف سيتعاملون معها، وأعتقد أنه من المسلي أن تكون في هذه المواقف معهم”.
إلى جانب المسلسل رامي يوسف متحمس لاكتشاف ما يأتي إليه من فرص جديدة في طريقه موضحا”أشعر أن مسلسلنا بالفعل يشبه الدراما الكوميدية، نحن ندخل في مواضيع جادة للغاية ولكني لا أمانع أن تكون أكثر بساطة، لا أمانع أيضا تجربة الخيال العلمي، يتوقف الأمر على القصة الجيدة بشخصياتها الجيدة، أنا أحب أي شئ مثير وصادق مهما كان الشكل أو النوع الأدبي”.
أما عن المشاريع التي تنتظره فهو يعمل حاليا على مشروع مميز جدا سيضم “ستيڤ واي way”، الذي يلعب صديق رامي المفضل في المسلسل وصديقه أيضا في الحياة العادية، يقول يوسف: “أعمل على مسلسل على”آبل تي ڤي” مع “ستيف” الذي يعاني من ضمور العضلات، هو مسلسل عن مجتمع ذوي الاحتياجات وحياة ستيف فيه وأنا متحمس لهذا العمل جدا؛ فنحن لا نرى عادة شخصيات من ذوي الاحتياجات في المسلسلات التلفزيونية، وعندما نراهم فإن أدوارهم تكون محدودة جدا، هدفي أن أقوم بعمل يتحدث عنهم بتوسع أكثر”.
كشف رامي عن حلمه الكبير قائلا: ” أريد أن أقدم مسلسلا في مصر، ستكون تجربة رائعة للغاية؛ لأنني أحببت تصوير الحلقتين اللتين قمنا بتصويرهما هناك، أود أن أصور المزيد من مسلسل “رامي” هناك لكني أريد أن أقوم بعمل شئ مصري في جوهره، الأمر كله يتعلق بالعثور على القصة المناسبة؛ وهذا ما يجعلني متحمسا للعمل بمصر، أعلم أن هناك الكثير من القصص الرائعة جدا وغير مسلط الضوء عنها، وسيصاب العالم بصدمة وحماسة لرؤيتها”.
استبيان إنجما
ما هو برأيك أكبر ميزة لكونك ممثل كوميدي؟
يتعلق الأمر بإمكانية الحديث عن أي قضية وإضفاء نوع من الضحك والفكاهة، وحتى إن لم يكن هناك أي نكتة فإنه من الممتع حقا أن تبحث عن طريقة ما لتحويل كل شيء صعب إلى أكثر سهولة.
ما هو أكبر عيب في رأيك؟
دائما ما يطلب من الجميع أن أقول نكتة لهم وكثير من الأحيان لا أريد أن أقول؛ فعندما يسألني أحدهم على الفور لا يأتي إلى ذهني أي نكات جيدة.
من هو الممثل المصري الذي تريد أن تعمل معه؟
يوجد الكثير من الممثلين الذي أريد أن أعمل معهم ولا أريد اختيار أحد منهم؛ لأن من الممكن أن يقول أحدهم لماذا لم تقل اسمي، أنا أعرف مصر جيدا لدرجة أن لا يمكنني اختيار اسم واحد، أكمل بضحك: “من شأن ذلك أن يثير الجدل”.
من هو النجم الذي تفاجأت بمعرفة أنه معجب بالمسلسل؟
لقد قال “براد بيت” أنه أحب المسلسل، وكان ذلك رائعا للغاية.
كان من المفترض أن تظهر”lindsay lohan” في الموسم الثاني لكنها انسحبت في اللحظة الأخير، هل سنراها في الموسم الثالث؟
أتمنى ذلك للغاية فهي مميزة ومرحة؛ لذلك سأحاول التواصل معها مرة أخرى، أضاف بمزاح” أنا متأكد من أنني إذا سألتها ستقول “إنشاء الله”؛ فنحن عرب واعتدنا على ذلك”.
مصور: marissa mooney